الأمان المجتمعي وفق عادات و قيم الليبيين (أ.نهلة الورفلي)

بداية يجب علينا معرفة أن هناك فرق بين العرف و العادة و القيم ، و أهم فارق بينهما هو عنصر الإلزام ، فالعرف ملزم لكافة أفراد المجتمع و هو في مرتبة القانون ، أما العادات و التقاليد فهي غير ملزمة و تختلف من مكان لآخر و من زمان لآخر، هذا وقد تتغير و تتبدل بمرور الوقت دون أن يكون من استبدلها أو استحدثها مستهجناً. أما القيم الاجتماعية هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها من الجماعة وتوجه سلوكهم، وهي التي تخبرهم الفرق بين الحلال والحرام أو الصحيح والخطأ والجيد والسيء والتي تحددها الثقافة القائمة مثل التسامح والحق والعدل والامانة والجرأة والتعاون والإيثار والقوة وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي والاستقرار بالمجتمع. في عصرنا هذا أصبح كل فرد يعيش حياته بفكره وبمفهومه فقدنا شكل الأسرة المجتمعية ذات التوجه العام والمعروف في التربية والنشأة ونمط المعيشة , اليوم، كل أسرة لها أسلوب تربية ونمط معيشة، وهذا ليس عيبًا ولكن المستحدثات أثرت في سلوكيات بعض الأفراد بالسلب فغيرت بعضهم إلى الأسوأ، فصارت طريقة تربيتهم وأنماط حياتهم غير متوافقة مع قيم مجتمعنا الإسلامي والعربي. هذا وقد لحقت منظومة العادات الليبية العديد من التغيرات و التطورات منها المُستحسن ومنها المُستهجن ، ناهيك عن ثقافة مصطلح (العيب) في المجتمع الليبي ، والذي يندرج ضمنه العديد من السلوكيات الموسومة بهذا اللفظ ، و نلاحظ تحرر بعض من السلوكيات من هذا الوصف نتيجة التغيرات التي طرأت على المجتمع ، كما أن هذا الوسم يختلف من منطقة لأخرى، و من قبيلة لأخرى ، و حتى في ذات العائلة هناك اختلاف في تقبل لهذه الأنماط السلوكية . جميعنا نعلم ، بأن هناك تغير ملحوظ طرأ على المجتمع الليبي ، خاصة في نطاق عمل المرأة ، فقد كانت ثقافة العيب سائدة في إطار بعض الاعمال كالعمل في مجال الطبخ أو الفن أو التجارة ، و التجميل ، هذا و قد كانت هذه الأعمال من أسباب حدوث خلافات و نزاعات داخل العائلة و الأسرة الواحدة ، فلا يكون لها العمل إلا في نطاق بعض محدد مسبقاً كالتدريس مثلاً . ناهيك عن أن بعض العائلات كانت تنظر إلي قيادة المرأة للسيارة أو ظهورها في التلفاز أو على وسائل التواصل الاجتماعي ، بأنها اقترفت عار و أن لا يجوز لها ذلك ، الأمر الذي يصل إلي مقاطعة المرأة و أسرتها ، و نعتها بأنها أسرة لا تقيم للأخلاق وزناً ، وما ترتب على هذا الأمر من تفكك أسري ، ومشاكل اجتماعية . أما في وقتنا الحالي ، خاصة بعد الثورات و الحروب و الاوبئة ، أصبح عمل المرأة ، و دخولها سوق العمل و قيادتها للسيارة ، من أهم روافد الأمان المجتمعي ، خاصةً في الحالات التي فقدت فيها العائل الوحيد ، فقد استطاعت في فترة قصيرة أن تثبت بأن دخولها سوق العمل ليس عار ، إنما استقرار اجتماعي و اقتصادي لأسرتها وأصبح عملها في الطبخ أو صنع الحلويات و إيصال الطلبات مصدر رزق للعديد من العائلات ، الأمر الذي ترتب عليه تغير في نظرة المجتمع للمرأة العاملة في هذه المجالات ، مما أدى إلى امتهان العديد من السيدات إلى هذه المهن و الظهور للمجتمع بكل فخر . نأتي إلى عماد المجتمع ، شبابُنا ، و نتسأل ؟ شبابُنا إلى أين؟ ماذا تعنى له منظومة القيم و العادات و التقاليد ؟ و نخص بالذكر الفئة التي ترعرعت في زمن الحرب و الانفلات الأمني و غياب دولة القانون ؟ هذه الفئة تحتاج إلى وقفة جادة من المؤسسات الاجتماعية و التعليمية و الدينية , لضمان التنشئة السليمة و غرس الأخلاق الحميدة و روح الانتماء للجماعة و الوطن . من القيم المجتمعية التي يجب علينا غرسها في هذه الفئة على وجه التحديد : 1- العطف: تعني كلمة العطف هو أن يفهم الفرد مشاعر الأشخاص الآخرين ويقاسمهم همومهم ويشاركهم بها، وأن يقوم على تقبلهم ومساعدتهم على تقبل أنفسهم، والتعاطف هي قيمة من أرقى القيم الاجتماعية التي يجب أن نقوم بتعزيزها في المجتمع. 2-الاحترام المتبادل: الاحترام المتبادل من القيم الاجتماعية المهمة داخل المجتمع والتي تساعد على تطور المجتمع والاحترام بين الأفراد يكون باحترام الاختلافات، واحترام الأشخاص الآخرين واحترام خصوصية الأفراد ما دامت لا تسبب للفرد الآخر أي ضرر. 3-الشعور بالحبّ: إذا شعر الفرد بالحب في داخله لن ترك أي مجال لنفسه حتى تقوم بإلحاق الأذى بالآخرين، ويساعد الحب في التعرف على وجوه التشابه التي يقوم بتشاركها مع أشخاص المجتمع عوضًا عن التركيز في اللون أو الدين أو العرق والذي يؤدي إلى بناء مجتمع سليم يسيطر عليه الحبّ. 4-الانتماء والولاء: الانتماء والولاء هي قيم تقوم بربط شعور أو أشخاص مع المجتمع، وتوافر قيمة الولاء في المجتمع سينهي الخيانة والغدر فيه وبالتالي سيقوم على تعزيز الثقة اللازمة للوقوف ضد أي أمر يؤذي المجتمع والأفراد المقيمين فيه. 5-الصدق: تعتبر قيمة الصدق من أهم القيم الاجتماعية التي على الفرد أن يتسم بها، والصدق يعرف بأن تقوم بقبول ذاتك وتحترمها والقدرة على الاعتراف بالعيوب والأخطاء، وبالتالي سيصبح الفرد قادرًا على اتخاذ القرار الصحيح ومساعدة الأشخاص الآخرين حتى يصبحوا أفرادًا فاعلين في المجتمع وأفضل وأصحاب نفع في المجتمع. كما أن القيم الاجتماعية متوارثة من جيل إلى جيل , و قد تكتسب بالتقمص و التعلم و القدوة الحسنة . هذه القيم الاجتماعية تتشكل في المجتمع بشكل تدريجي وعلى مراحل زمنية ، وتقوم بالدخول على حياة الأشخاص فيه، وتقوم بتشكيل السلوكيات العامة الذي تضمن العيش السلمي بين الأشخاص، هذا وقد تتغير مع مرور الزمن وتطور المجتمع وحسب حاجات المجتمع، فالعديد القيم الاجتماعية تقوم بالتغير من فترة لأخرى ، ومنها ما يتغير بسبب تطور تطبيقات التكنولوجيا التي أصبحت من أساسيات حياة الأفراد و أطرت تغير كبير على قيمهم و عاداتهم .
النشرة البريدية
التواصل
  •   0922118682
  •    info@impact.org.ly
  •    بنغازي -  ليبيا     

جميع الحقوق محفوظة لمنصة أثر ©2025 

بدعم من

جميع الحقوق محفوظة لمنصة أثر ©2025 

النشرة البريدية
التواصل
  •    0922118682   
  •    info@impact.org.ly
  •    بنغازي -  ليبيا     

جميع الحقوق محفوظة لمنصة أثر ©2025